حماية خطوط الإمداد الحيوية: جهود بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحُديدة في موانئ الحُديدة
حماية خطوط الإمداد الحيوية: جهود بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحُديدة في موانئ الحُديدة
"تمثل موانئ الحديدة بوابة اليمن إلى العالم. فالنشاط التجاري، والدعم الإنساني، ومعظم جوانب الحياة في البلاد تمر عبر هذه الموانئ الحيوية." تجسّد هذه الكلمات، التي أدلى بها القائم بأعمال بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) من مدينة الحديدة الساحلية، الواقع الذي يعيشه ملايين اليمنيين الذين يعتمدون على تدفق السلع الإنسانية والواردات التجارية عبر موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى. وفي ظل تصاعد التوترات وتجدد أعمال العنف، تجدد البعثة التزامها بتكثيف جهودها في هذه المناطق الحيوية.
الموانئ كبوابات استراتيجية وإنسانية
وقد نص اتفاق الحديدة، الموقع في ديسمبر 2018، على نزع الطابع العسكري عن موانئ الحديدة، والحفاظ على طبيعتها المدنية، باعتبار ذلك خطوة محورية لمنع المجاعة وضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية. ولا يزال الحفاظ على تشغيل الموانئ بكامل طاقتها أمرًا بالغ الأهمية لتفادي تفاقم الأزمة الإنسانية الحادة التي تعاني منها البلاد. وقد أفاد برنامج الأغذية العالمي بأنه خلال العام 2024م تم تفريغ نحو 4.87 مليون طن من المواد الغذائية، و3.04 مليون طن من الوقود الضرورية للعمليات الإنسانية في هذه الموانئ. ويُعد ميناء الحديدة شريان الحياة الرئيسي لليمن، حيث يمر حوالي 70٪ من الواردات التجارية للبلاد، وما يقرب من 80٪ من إجمالي المساعدات الإنسانية التي تدخل البلاد. لذلك، فإن استمرار عمل هذه الموانئ ليس رفاهية، بل هو مسألة حياة أو موت.
تضطلع بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) بمهمة دعم تنفيذ اتفاق الحديدة، حيث تقوم بنشر دوريات منتظمة إلى الموانئ لمراقبة مدى الالتزام ببنود الاتفاق، والتحقق منها، وتقديم تقارير بشأنها. وتُشكّل البعثة عنصرًا فاعلًا في تعزيز الاستقرار، كما تؤدي دور الوسيط المحايد بين الأطراف المعنية.
الحفاظ على التوازن الهش
تقوم فرق بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) بتسيير دوريات منتظمة إلى الموانئ ثلاث مرات أسبوعيًا، حيث تراقب حركة السفن وتُجري لقاءات مع المسؤولين المحليين. وخلال الاثني عشر شهرًا الماضية، سيَرت البعثة أكثر من 150 دورية إلى الموانئ، ما يمثل زيادة بنسبة 15٪ مقارنة بالعام السابق. وفي هذا السياق، يقول أحد المراقبين العسكريين في البعثة: "يسهم وجودنا في ردع أي تصرفات قد تؤدي إلى تصعيد النزاع، ولكن الأهم من ذلك، أنه يُعدّ رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي لا يزال متابعًا، ولا يزال منخرطًا في دعم جهود السلام."

تأثير الغارات الجوية على موانئ الحديدة
شهدت الأشهر الأخيرة تنفيذ غارات جوية على محافظة الحديدة، وذلك ردًا على الهجمات في البحر الأحمر وباتجاه إسرائيل، مما أعاد إشعال المخاوف من تصعيد أوسع نطاقًا. وقد رصدت دوريات بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للموانئ نتيجة لتلك الغارات المتعددة. وتتجلى تداعيات هذه الهجمات في انخفاض ملحوظ في نشاط الموانئ، إلى جانب تصاعد القلق بين السكان المدنيين. وفي هذا السياق، كثّفت البعثة من جهودها في الرصد والإبلاغ، مجددة التأكيد على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى احترام المنشآت المدنية وعدم استهدافها.
على الأرض: التحديات والالتزامات
تواجه بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) تحديات متواصلة في أداء مهامها بمحافظة الحديدة، تشمل القيود المفروضة على الحركة، والمخاوف المرتبطة بالوضع الأمني، والهشاشة التي تميز السياق المحلي. ورغم هذه التحديات، يواصل موظفو البعثة، من الكوادر المحلية والدولية، أداء مهامهم بكل التزام، دعمًا لجهود خفض التصعيد ومنع النزاع وتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة. ويؤكد أفراد البعثة على أن إشراك المجتمعات المحلية وتعزيز الشفافية يمثلان ركيزتين أساسيتين في بناء الثقة والقبول، لا سيما في بيئة تتسم بالتقلب وعدم اليقين. وفي هذا السياق، صرّح القائم بأعمال البعثة أن "بعثة أونمها تتواجد بجانب اليمنيين في محافظة الحديدة منذ عام 2019، وقد شهدنا عن كثب الآثار الإيجابية التي أسفرت عنها اتفاق وقف إطلاق النار على حياة السكان، كما رصدنا التداعيات الخطيرة الناجمة عن تراجع القدرة التشغيلية للموانئ، والتي أسهمت في تقليص إمكانية الوصول إلى المساعدات الإنسانية بشكل كبير."
أكثر من مجرد رمزية
في سياق يتسم بتصاعد التوترات، لا يقتصر دور بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) على الحضور الرمزي؛ بل يشكل عنصرًا فاعلًا في الرصد والتوثيق، بهدف تهيئة بيئة مواتية تدعم الحوار. كما أن وجود البعثة المحايد على الأرض يُعدّ حاجزًا حاسمًا يساهم في الحد من التصعيد.
وتجدد أونمها تأكيدها على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى جميع الأطراف بضرورة وقف الهجمات واحترام الالتزامات الإنسانية، بما في ذلك حماية المنشآت المدنية والبنية التحتية الحيوية. إقرأ بيان الأمين العام الصادر في 19 أبريل 2025 (هنا).